ترك الحرام فخرج من جسده المسك !
كان هناك شاباً يبيع البز (القماش ) ويضعه على ظهره ويطوف بالبيوت ويسمونه ( فرقنا ) وكان مستقيم الأعضاء جميل الهيئة من رأه أحبه لما حباه الله من جمال ووسامة زائدة على الآخرين .
وفي يوم من الأيام وهو يمرّ بالشوارع والأزقة والبيوت رافعاً صوته " فرقنا " إذ أبصرته امرأة فنادته ، فجاء إليها ، وأمرته بالدخول إلى داخل البيت ، وأعجبت به وأحبته حباً شديداً .
وقالت له : إنني لم أدعوك لأشتري منك ، وإنما دعوتك من أجل محبتي لك ولا يوجد في الدار أحد .
ودعته إلى نفسها فذكرها بالله وخّوفها من أليم عقابه ، ولكن دون جدوى فما يزيدها ذلك إلا إصراراً ، وأحب شيء إلى الإنسان ما مُنع .
فلما رأته ممتنعاً من الحرام قالت له : إذا لم تفعل ما أمرك به صحت في الناس وقلت لهم دخل داري ويريد أن ينال من عفتي وسوف يصدقون الناس كلامي لأنك داخل بيتي .
فلمّا رأى إصرارها على الإثم والعدوان ، قال لها : هل تسمحين لي بالدخول إلى الحمام من أجل النظافة . ففرحت بما قال فرحاً شديداً ، وظنت أنه قد وافق على المطلوب فقالت : وكيف لا يا حبيبي وقرة عيني ، إن هذا لشيء عظيم .
ودخل الحمام وجسده يرتعش من الخوف والوقوع في وحل المعصية ، فالنساء حبائل الشيطان وما خلى رجل بامرأة إلا وكان الشيطان ثالثهما . .( يا إلهي ماذا أعمل دلني يا دليل الحائرين ) .
وفجأة جاءت في ذهنه فكرة . فقال : إنني أعلم جيداً ( إن من الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله رجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله ) وأعلم ( إن من ترك شيئاَ لله عوضه الله خيراً منه ) و ( رب شهوة تورث ندماً إلى آخر العمر ) . وماذا سأجني من هذه المعصية غير أن الله سيرفع من قلبي نور الإيمان ولذته ، لن أفعل الحرام . ولكن ماذا سأفعل هل أرمي نفسي من النافذة لا أستطيع ذلك فإنها مغلقة جداً ويصعب فتحها . إذاً سألطخ جسدي بهذه القاذورات والأوساخ فلعلها إذا رأتني على هذه الحال تركتني وشأني .
وفعلاً صمم على ذلك الفعل الذي تتقزز منه النفوس ، مع أنه يخرج من النفوس !
ثم بكى وقال : رباه إلهي وسيدي خوفك جعلني أعمل هذا العمل ، فأخلف عليّ خير .
وخرج من الحـمام فلما رأته صاحت به : أخرج يا مجنون ؟
فخرج خائفاً يترقب من الناس وكلامهم وماذا سيقولون عنه ، وأخذ متاعه والناس يضحكون عليه في الشوارع حتى وصل إلى بيته وهناك تنفس الصعداء وخلع ثيابه ودخل الحمام واغتسل غسلاً حسناً ثم ماذا .
هل يترك الله عبده هكذا .. فعندما خرج من الحمام عوضه الله شيئاً عظيماً بقي في جسده حتى فارق الحياة وما بعد الحياة .
لقد أعطاه الله سبحانه رائحة عطرية زكية فواحة كعطر المسك تخرج من جسده ، يشمها الناس على بعد عدة مترات وأصبح ذلك لقباً له " المسكي " . فقد كان المسك يخرج من جسده وعوضه الله بدلاً من تلك الرائحة التي ذهبت في لحظات رائحة بقيت مدى الوقت . وعندما مات ووضعوه في قبره كتبوا على قبره هذا قبر " المسكي " .
وهكذا أيها الإنسان المسلم . . الله سبحانه لا يترك عبده الصالح هكذا بل يُدافع عنه ، إن الله يُدافع عن الذين آمنوا الله سبحانه يقول : (ولئن سألني لأعطينه ) . فأين السائلين ؟!
وقفة
أيها العبد المسلم :
من كل شيء إذا ضيـعتـه عوض .. ومـا من الله إن ضيـعتـه عوض .. الله سبحانه يُعطي على القليل الكثير ..
أين الذين يتركون المعاصي ويقبلون على الله حتى يعوضهم خيراً مما أخذ منهم . ألا يستجيبون لنداء الله ونداء رسوله ونداء الفطرة .
المرجع
موسوعة القصص الواقعية