الصـدق ينجيــك
يحكى أن أبا يزيد البسطامي الصوفي، أراد الذهاب إلى بغداد لطلب العلم، فأعطته أمه أربعين ديناراً هي ميراثه من أبيه، وقالت له ضع يدك في يدي، وعاهدني على التزام الصدق فلا تكذب أبداً، فعاهدها على ذلك، وخرج مع قافلة يريد بغداد، وفي أثناء الطريق، خرج اللصوص ونهبوا كل ما في القافلة، ورأوا البسطامي رث الثياب، فقالوا: هل معك شيء؟ فقال: معي أربعون ديناراً، فسخروا منه وحسبوا أنه أبله وتركوه، ورجعوا إلى كهف كان به كبير اللصوص، ينتظر ما يأتون به، فلما رآهم قال: هل أخذتم كل ما في القافلة، قالوا: نعم، إلا رجلاً سألناه عما معه، فقال: معي أربعون ديناراً، فتركناه احتقاراً لشأنه، ونظن أن به خبلاً في عقله، فقال: عليّ به، فلما حضر بين يديه، قال: هل معك شيء، فقال: نعم معي أربعون ديناراً، قال: أين هي؟ فأخرجها وسلمها له، فقال كبير اللصوص: أمجنون أنت يا رجل؟ كيف ترشد عن نقودك وتسلمها باختيارك؟ فقال له: لما أردت الخروج من بلدي، عاهدت أمي على الصدق، فأنا لا أنقض عهد أمي، فقال كبير اللصوص: لا حول ولا قوة إلا بالله، أنت تخاف أن تخون عهد أمك، ونحن لا نخاف أن نخون عهد الله، ثم أمر برد جميع ما أخذ من القافلة، وقال: أنا تائب على يديك يا رجل، فقال من معه: أنت كبيرنا في قطع الطريق، واليوم أنت كبيرنا في التوبة، تبنا جميعاً إلى الله، وتابوا توبتهم.