[
دراسة تنفرد بها "جريدة الوفاق" :
من هم آل مرة التي عاقبتهم قطر جماعيا بنزع جنسيتهم؟
القاهرة (الوفاق) فراج اسماعيل
تنفرد "جريدة الوفاق" باستعراض أول دراسة أنساب من نوعها عن قبيلة آل مرة التي تعرضت لعقاب جماعي في قطر حيث نزعت الجنسية عن نحو خمسة آلاف من ابنائها. الدراسة اختصنا بها مؤرخ الأنساب الشهير والباحث الدكتور فيصل صالح الخيري رئيس مركز التراث الفلسطيني، استعرض فيها الجذور الحقيقية لقبيلة آل مرة ،مشيرا إلى أنها استوطنت قطر منذ سبعين عاما مضت وربما أكثر، وأن المصادر التاريخية وكتب النسابين تثبت أن قبيلة بني مرة كانت عدة بطون عاشت قبل الإسلام بزمن بعيد وانتشرت في أماكن عديدة، أشهرها نجران التي استمرت فيها لعدة قرون.
ووصفها بأنها قبيلة مرموقة بين القبائل واعتدادها بنفسها جعلها في عداد القبائل الحربية التي تتسم بالشجاعة المنقطعة النظير. وتتصف بالكرم ودماثة الخلق والتواضع، وعرف عنهم اعتزازهم بالكرامة، ولهم تقاليد وعادات خاصة.
في أول دراسة من نوعها.. تناول مؤرخ الأنساب الشهير والباحث الدكتور فيصل صالح الخيري رئيس مركز التراث الفلسطيني، الجذور الحقيقية لقبيلة آل مرة التي تعرض نحو خمسة آلاف من ابنائها في قطر مؤخرا لنزع جماعي لجنسيتهم .
وفي الدراسة التي خص بها الخيري (الوفاق) وهو فلسطيني الأصل يحمل الجنسية المغربية قال إن هذه القبيلة استوطنت قطر منذ سبعين عاما مضت وربما أكثر، وأن المصادر التاريخية وكتب النسابين تثبت أن قبيلة بني مرة كانت عدة بطون عاشت قبل الإسلام بزمن بعيد وانتشرت في أماكن عديدة، أشهرها نجران التي استمرت فيها لعدة قرون. ووصفها بأنها قبيلة مرموقة بين القبائل واعتدادها بنفسها جعلها في عداد القبائل الحربية التي تتسم بالشجاعة المنقطعة النظير. وتتصف بالكرم ودماثة الخلق والتواضع، وعرف عنهم اعتزازهم بالكرامة، ولهم تقاليد وعادات خاصة.
وفي بداية دراسته يقول الدكتور الخيري: لقد أوصى سيدنا عمر بن الخطاب بالعربان خيرا، فقال للخليفة من بعده " أوصيك بأهل البادية خيرا، فإنهم أصل العرب ومادة الإسلام". وفي الوقت الذي تحتضن فيه دولة عربية أكبر قاعدة اميركية في العالم، فإنها تقدم على تجريد قبيلة بأكملها من جنسيتها، مع أنها كانت تقطن هذه الديار قبل قيام هذه الدولة بعشرات السنين.
وتعتبر فخيذة الغفران، أحد فروع آل مرة وواحدة من أقدم فروعها التي استوطنت قطر منذ حوالي سبعين سنة مضت وربما أكثر، وتنستسب قبيلة بني مرة كما تذكر المراجع التاريخية إلى جشم بن يام بن أصبي بن دافع بن مالك بن جشم بن حاشد بن جشم بن حبران بن نوف بن همدان بن زيد بن مالك بن أوسلة بن ربيعة بن الخيار بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان.
ومن المتعارف عليه لدى المؤرخين والنسابين أن قبيلة (يام) قبيلة عربية صحيحة، ذات ماض مجيد، وامتازت بكثرة من ظهر من أبنائها من الصحابة والفرسان. ومن الجدير بالذكر والتنبيه أن الذي يدرس انتشار قبائل يام وحركاتها وتطوراتها في الوطن العربي، يرى صورا مشرفة من دون شك في البروز السياسي، منها أن آل زريع من آل مرة، هم أول من تولى الحكم في عدن، ومنهم العباس بن الكرم اليامي، وله حصن التعكر، وشقيقه المسعود بن الكرم اليامي، له حصن الخضراء وما يليه من البحر، وذلك في عام 470 هـ، وقد عظمت مملكة آل زريع هؤلاء واتسعت وشملت مدنا كثيرة ومساحات شاسعة من اليمن، وقد استمر ملكهم مائة عام، حيث انتهي سنة 569 هـ عندما غزا السلطان شمس الدولة توران شاه الايوبي اليمن واحتلها، وكان آخر ملوكهم عمران بن محمد بن سبآ آل زريع اليامي، ذو كرم فياض ومآثر خالدة.
بطون آل مرة
أثبتت المصادر التاريخية وكتب النسابين أن قبيلة بني مرة كانت عدة بطون عاشت قبل الإسلام بزمن بعيد، وانتشرت في أماكن عديدة أشهرها نجران التي استمرت فيها لعدة قرون. أما أول بطونها فهم آل بحيح،ويتفرعون إلى عدة فروع منا آل حنيتم وكان كبيرهم متعب المنخس، وآل سعيد وكبيرهم ابن نحيان، وآل سمرة وكبيرهم ابن الصعاق، وآل مريزق وكبيرهم المحنا، وآل صالح بن ضرفاس وكبيرهم ابن الأسود وآل حسنا ، وكبيرهم ابن نويلة، ومحمد بن جار الله، وآل نابت وكبيرهم المغرز، وآل مقارح وكبيرهم راشد ابن مقارح ثم ولده علي، وآل هيضة وكبيرهم سعيد بن القوز، وآل جحيش وكبيرهم عبدالله أبو صلحا، وآل بريد وكبيرهم ابن ذروة ، ومنهم أيضا ان رميص، مقطع الحق لكافة رجال يام.
وثاني بطون آل مرة آل فهيدة بن بشر بن شبيب بن سعيد بن مرة، ومن فروعهم: أل شفيع وكبيرهم في القديم الرواشدة، وآل عازب وكبيرهم ابن حران، وشيح آل فهيدة كافة محمد بن شريم، ثم ولده راشد، ثم لاهوم، ثم طالب بن شريم الموجود حاليا. ويليه في المشيخة الأمير فيصل بن محمد بن شريم، وأسرة آل شريم ذات زعامة ومجد وسؤدد، وقد مكث عندهم الامام الراحل عبد الرحمن بن فيصل آل سعود وأسرته عند خروجه من الرياض سنة 1308 هـ وبقي عندهم فترة من الزمن مكرما مبجلا، ولم ينس لهم هذه المأثرة المجيدة، فأحاطهم هو ونجله الملك الراحل عبد العزيز آل سعود بكل رعاية وعطف وتقدير، بعد استعادتها الملك من خصومها، وكان الملك عبد العزيز كثير الاطراء لهم في مجالسه الخاصة.
أما ثالث هذه الفروع فهم آل جابر بن سعيد بن مرة، ومنهم الشيخ العام المرضف، وقد اشتهر منهم في التاريخ محمد المرضف، ثم علي المرضف، ثم فيصل المرضف، ثم حمد بن فيصل المرضف، وشيخهم اليوم جابر المرضف، وبلدته يبرين المشهورة غرب جنوب الاحساء بحوالي 230 كم.
ورابع هذه البطون موضوع هذه الدراسة، الغفران بن شبيب بن سعيد بن مرة، وكبيرهم حمد بن جلاب. وخامس هذه البطون الجرابعة من ولد علي بن مرة. وسادسها الغياثين من ولد سعيد بن مرة، وكبيرهم الحرير، وثامنها آل بربص بن شبيب بن سعيد بن مرة، وكبيرهم بن الأحيمر، وتاسعها آل زيدان بن سعيد بن مرة، وكبيرهم ابن شابل، وعاشر هذه البطون من آل مرة هم آل عذبة بن فاضل بن بشر بن شبيب بن سعيد بن مرة.. وشيخهم العام ابن نقادان، ومن أمرائهم ابن فاضل وابن حنزاب وابن هدفه.
مواطن آل مرة
وتقع هذه المواطن من جنوب الطريق الموصلة بين الاحساء والرياض، إلى جبهات الخرج، وجبهات العقير إلى واحتي يبرين وحافورا حتى وسط الربع الخالي. ويحدثنا بعض المؤرخين أن طائفة من آل مرة، تارة يسكنون اليمن وأخرى نجد ، بحسب ما يصلح أحوالهم لماشيتهم، وربما نزلوا أرض الأحقاف من مشارق اليمن مما يلي عمان. ويسكن الكثير من آل مرة الآن في قطر والكويت ويوجد جماعة في ابو ظبي وأميرهم الشيخ محمد بن غراب، ومقره مدينة العين. أما أشهر مدن آل مرة الياميين وقراهم فهي: يبرين ويملكها الشيخ جابر بن حمد المرضف، وقد ذكرها ياقوت الحموي في معجم البلدان، والهمداني في صفة جزيرة العرب، بأنها كثيرة المياه والنخيل والزروع وكانت عامرة منذ القديم. ومن قرى آل مرة أيضا (أنباك) على الحدود السعودية القطرية، وأميرها فيصل بن محمد بن شريم، وقرية (السكك) وأميرها حمد بن حنزاب، ومن قراهم أيضا (البدع) وسكانها آل بحيح وأميرهم راشد بن نديلة، وقرية (مباك) وسكانها آل عذبة وأميرهم مسعود بن نقادان، وقرية (حرض) وشيخهم حمد العرج المري، وغالبية هذه القرى داخل المملكة العربية السعودية وتتبع مقاطعة الاحساء، أتى اليها بنو مرة من الربع الخالي.
حياة آل مرة الإجتماعية
قبيلة آل مرة من القبائل المكابرة التي تأنف الخضوع لغيرها، فمكانة هذه القبيلة المرموقة بين القبائل واعتدادها بنفسها جعلها في عداد القبائل الحربية التي تتسم بالشجاعة المنقطعة النظير، فقد ألفوا الصولة وانتزعت من نفوسهم غريزة الخوف، حتى قيل إنها لم تهزم في أي معركة، وفي مصادرنا التاريخية الكثير من ذلك، منها أنه مر فتى من أهل الكوفة بالحجاج وهو يستعرض الجند، فأعجبه فقال: ممن أنت يا فتى؟.. قال: أنا من قوم لم يكن فيهم جبان، فقال الحجاج: أنت إذن من يام. ولم تقتصر هذه الشجاعة على الرجال منهم فحسب، بل شملت النساء أيضا فمن المتعارف عليه لدى الباحثين ، أن نساء آل مرة اشتهرن بمساعدة المقاتلين من قبيلتهم، بمدهم بالمال والذخيرة، وكن يشجعن رجال القبيلة على القتال ببسالة من أجلهن، وإذا دعت الحاجة إلى لم شعث القبيلة، كشفت المرأة عن وجهها وأرسلت شعرها ـ وامتطت بشراسة مركب قبيلتها، بغية تشجيع الكبار والصغار على العودة إلى القتال، وإذا تصادف أن كانت الفتاة ابنة شيخ القبيلة، لم يستسلموا أبدا وقاتلوا حتى الموت.
ويتصف آل مرة عامة بالكرم ودماثة الخلق والتواضع ومما عرف عنهم اعتزازهم بالكرامة ولهم تقاليد وعادات خاصة، مثل امتناعهم عن مصاهرة غيرهم بالنسبة إلى بناتهم خاصة، حتى أنهم لا يعتبرون شرفا تزويج ابنتهم حتى من ملك العرب. وكان بنو مرة يعاملون نساءهم بكل توقير وإحترام، وكان يتم الزواج في الأغلب داخل دائرة ضيقة للغاية من الأقارب.
ومما اشتهرت به نساء آل مرة الحشمة، وتضع نساء آل مرة بعد البلوغ براقع سوداء، بحيث يغطي البرقع الوجه كله. وأجسادهن تغطيها كلية أثواب طويلة الأكمام تصل إلى أقدامهن وبنطلونات تغطي سيقانهن تماما، ويخفي غطاء رأس أسود كل شعرهن.
ويتبين لنا مما يرويه الإخباريون أن آل مرة نالوا شهرة فائقة في مجال القيافة وقص الأثر، ففي رمال الصحراء يتعرفون بسهولة على أثر الحيوانات والبشر، وبسبب هذه القدرة كان عدد من آل مرة إلى عهد قريب يلحقون بوصفهم قصاصي أثر بكل مركز بوليس رئيسي في المملكة العربية السعودية. وهناك دلائل واضحة نستشف منها عشقهم لابلهم حتى أنهم تفننوا في إطلاق الأسماء عليها، وكانوا يصوغون عنها أشعار وأغاني ويروون عنها حكايات لا نهاية لها، ولهم أساليبهم الخاصة في الحديث إليها، ووفقا لهذا النسق من العشق، فقد كانت الأبل لديهم تشكل جزءا لا يتجزأ من كل جانب من جوانب حياتهم الطبيعية والإجتماعية والثقافية، بحيث بات من الصعب تصور آل مرة دون ابلهم.. وموقفهم من خيولهم لا يقل عن موقفهم من ابلهم اهتماما واحتراما ومحبة.
عربان أم عاربان؟
وفي نهاية المطاف فإن من الجدير التنويه إليه بكل الجدارة هنا، أن بطن الغفران من آل مرة من قبائل يام، كان على علاقة قوية بآل ثاني، منذ عهد المؤسس الأول الراحل الشيخ جاسم بن محمد بن ثاني 1876 ومن تبعه من الأسرة الحاكمة، فهل يعقل بعد هذه الخواتم التوثيقية الدالة على عروبة هذا البطن الصميمة وماضيه المجيدة، أن يتم بجرة قلم في حق هذا البطن البالغ تعداده حوالي ستة آلاف نسمة، أعنف عقاب جماعي لا مثيل له في هذا العصر.. وهكذا وضع الرأي العام العربي في موقف بات العرب لا يدرون معه أهم أمام ملهاة أم مأساة، وأنهم ما زالوا عربان، أو أنه زمن العاربان.[/center]