شدّني كثيراً حفل افتتاح دورة الألعاب الأولمبية (لندن 2012) الذي استمر حتى الساعات الأولى لفجر أمس الجمعة وحظي بنسبة مشاهدة عالية جداً من قبل مئات ملايين البشر في كافة أنحاء المعمورة.
كان في نظري حفل افتتاح أسطوري فيه الكثير من الدروس والعبر، فيه الكثير من لمسات الوفاء لمن أعطى الحركة الأولمبية عبر أكثر من مئة عام ولمن أسهم من البريطانيين وغيرهم في وصول لندن إلى هذه اللحظة التاريخية التي أعادت الألعاب الأولمبية إلى عاصمة الضباب لأول مرة منذ 63 عاماً.
البريطانيون كسبوا الرهان وأكّدوا أنّهم على موعد لتقديم نسخة تاريخية من الألعاب الأولمبية.
تأثرتُ كثيراً وأنا أشاهد الملاكم الأسطوري محمد علي كلاي مكرَّماً في مراسم رفع العلم الأولمبي. لقد كانت لحظة مؤثرة للغاية، تبرهن على أنّ الألعاب الأولمبية قادرة أن تؤثّر في حياة الإنسان بصورة إيجابية إن نحن التزمنا فعلاً لا قولاً بالميثاق الأولمبي.
تأثرتُ كثيراً في لحظة ظهور أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون بزيه الرياضي مشاركاً في رفع العلم الأولمبي إلى جانب كوكبة من خيرة رياضيي العالم.
مراسم إيقاد الشلعة الأولمبية (مفاجأة الحفل) أرسلت الكثير من الرسائل، أسلوب غير تقليدي فيه روح الجماعة، وفيه إصرار على منح الفرصة لأكبر عدد ممكن من المستحقين لنيل هذا الشرف الأولمبي.
حضور ملكة بريطانيا على رأس حشد من كبار قادة وزعماء العالم يعكس مدى المكانة المرموقة التي أصبحت عليها الألعاب الأولمبية، ويؤكّد أنّ الرياضة أضحت في عيون العالم بأسره حالة اعتزاز وطني كبير.
لحظة مرور وفدنا الأردني وفي مقدمته حاملة العلم الأردني نادين دواني كانت لحظة مؤثرة للغاية واللجنة الأولمبية كانت موفّقة في اختيار نادين دواني لتحظى بشرف أن تكون أول فتاة أردنية ترفع العلم الأردني في طابور عرض حفل افتتاح دورة ألعاب أولمبية.
ما أتمنّاه أن يكون ذلك أكبر حافز لدواني لتكون حاضرة على منصة التتويج بطلة أولمبية تنهي مسيرتها الرياضية في أبهى صورة وأعظم تظاهرة رياضية.
لقد برهنت بريطانيا قدرة فائقة في استضافة الأحداث الرياضية الكبرى، ونجحت في ربط الماضي بالحاضر.
بعد افتتاح أولمبياد لندن، وبعد مرور وفود 22 دولة عربية، وبعد ارتقاء كوكبة من الشخصيات الرياضية العربية إلى أعلى المراتب العالمية والأولمبية، وبعد انتخاب المغربية نوال المتوكل نائباً لرئيس اللجنة الأولمبية الدولية، وبعد انتخاب الشيخ أحمد فهد الأحمد لرئاسة اتحاد اللجان الأولمبية الوطنية، وبعد ما أصبحت الدول العربية تنفق عشرات بل مئات الملايين على الرياضة والرياضيين، أتساءل بدهشة متى سنكون نحن العرب على موعد مع أول دورة ألعاب أولمبية على أرض عربية؟ وهل نحن بالفعل نستحق ذلك؟ ثم هل نحن بالفعل مؤهلون وقادرون أن نبهر العالم كما أبهرتنا لندن أمس ومن قبل بكين وأثينا وسيدني وأتلاتنا وبرشلونة وسيؤل وغيرها من عواصم الألعاب الأولمبية؟!