تأسيس الحضارة الاغريقية
ظهرت حضارة بلاد الإغريق بشبه جزيرة البلقان وخليج بحر إيجة بالساحل الشمالي للبحر المتوسط بمنطقة جبلية سهولها ضيقة، تتناثر بها مجموعة من الجزر الصغيرة في بحر إيجة. أثر موقع بلاد الإغريق على حضارتها تأثيرًا كبيرًا. فهي قريبة من منبع حضارات الشرق القديم " مصر- بلاد الشام- العراق" كما كانت جزيرتا كريت وقبرص بمثابة المعبر الرئيسي للاتصال الحضاري والتجاري بتلك الجهات وبآسيا الصغرى وساحل أفريقيا الشمالي. كذلك كان ساحل بلاد الإغريق الغربي والجزر القريبة منه بمثابة البوابة الغربية لبلاد الإغريق ومنها حمل التجار والمهاجرون الحضارة إلى شبة الجزيرة الإيطالية، وبذلك نشأت حضارة الرومان وهكذا ساعد الموقع الجغرافي بلاد الإغريق على القيام بدور المستورد لحضارات الشرق والموزع لها لباقي أنحاء أوروبا. كذلك قسمت التضاريس بجبالها العالية بلاد الإغريق إلى مجموعة من الأقاليم المحدودة المساحة والمنعزلة نظرًا لصعوبة الاتصال بينها، مما أدى إلى ظهور دويلات حول المدن الكبرى الهامة وأصبح على كل مدينة أن تعتمد على نفسها من الناحية السياسية والاقتصادية كما تنافست هذه المدن مع بعضها وتباينت مصالحها وتضاربت أهدافها. وقد أدت طبيعة البلاد الجبلية إلى اتجاه أهلها إلى البحر كوسيلة للاتصال إذ كان من السهل أن يركب الإغريقي البحر على أن يتحمل مشقة اجتياز المرتفعات ومن ثم فقد كانت حضارة الإغريق حضارة بحرية تجارية، وكان الأسطول وخاصة أسطول مدينة أثينا معلمًا من معالم الحضارة الإغريقية، ولقد سهل ركوب البحر من الخلجان والجزر وأشباه الجزر المنتشرة بالسواحل الإغريقية وحولها لأهل البلاد السفر إلى جهات متعددة هاجروا إليها واستوطنوها أو عادوا منها بأصول وأفكار من حضارات أخرى.