Admin Admin
عدد المساهمات : 672 تاريخ التسجيل : 12/08/2012 العمر : 66 الموقع : الموقع الرسمي لعشائر الجشعم وحلافائهم
| موضوع: العائليه والعشائريه في المجتمع المدني الخميس مايو 30, 2013 6:33 am | |
| تعارض المصالح والمحاباة د. هديل رزق-القزاز
مقدمة: تنتشر العائلية والعشائرية في المجتمع العربي فهو مجتمع قائم على هذه الروابط التي تتحكم في شتى مجالات الحياة وتمثل أحيانا عائقا أساسيا أمام التحول الديموقراطي وحكم القانون كما تعرفه الديمقراطيات الغربية. وتعارض المصالح والمحاباة والمحسوبية والواسطة على أسس عائلية أو عشائرية سمة من سمات المجتمعات ذات الطبيعة القبائلية حيث تجد القبائل والعائلات الكبيرة وذات النفوذ ضمن أعضاءها من يمكنه تقلد المناصب ويكون ذا فائدة في المستقبل. هناك علاقة وثيقة بين الفساد ومظاهر تعارض المصالح والمحسوبية والمحاباة والواسطة، التي تخلق جوا من عدم الثقة بسبب الاعتماد الروابط الشخصية والعائلية بدلا من معايير الكفاءة والخبرة في التجنيد للوظائف العامة .
إن دراسة تعارض المصالح والحاباة والشللية كمؤشر من مؤشرات الفساد يتطلب فهما لطبيعة المجتمعات العربية، ومدى تأثرها بالتغيرات الحديثة التي نتجت عن تحولات في أنماط العائلة العربية، وتحولها من النمط القبائلي والعائلات الممتدة إلى وحدات أسرية نووية مدنية. ما زالت المجتمعات العربية تقدس الروابط العائلية والعشائرية، وتزيد من أهميتها على الكثير من قيم المجتمع المدني، مما يتيح المجال أمام العديد من ممارسات الفساد التي تغنيها قيم ايجابية في نظر العديدين. وبين إيجابيات التماسك الأسري وسلبيات تعارض المصالح والواسطة والمحسوبية خيط رفيع يساهم فهمه في التغلب على الفساد، وفي الإصلاح والتحول الديموقراطي في الوطن العربي.
بالإضافة للعائلية والعشائرية والقبلية تنتشر في عدة مناطق في الوطن العربي "النزعة المحلية" وفيها يتشدد الشخص لأشخاص آخرين من بلدتهم الأصلية مثلا أو من قريتهم أو من المحافظة التي ينتمون إليها. والنزعة المحلية لا تقل خطرا عن العائلية والعشائرية وخصوصا إذا ارتبطت بالتعصب الديني أو الطائفية مما يحد من تطور الوعي بالصالح العام أو بالمواطنة وينشأ عنها أيضا جو من المحاباة وتعارض المصالح أحيانا.
على الرغم من انتشار مظاهر تعارض المصالح والواسطة والمحسوبية في الوطن العربي، إلا أنه لا يتم حتى الآن التعامل معها قانونيا وإداريا على أنها من مؤشرات الفساد، وأنها تتعارض من المساواة في حقوق المواطنة مثل المساواة في الحصول على خدمات، والحق في التنافس الحر على الوظائف، كما لا تتوفر دراسات معمقة حول مدى انتشار الظاهرة وخطورتها، وتحديدا تأثيرها على ثقة الجمهور في نزاهة الجهاز الحكومي وفي مدى تمثيله لمصالح الجميع بدون تمييز.
نركز هنا على تعارض المصالح والمحاباة في الجهاز التنفيذي الرسمي أو الحكومي على اعتبار أنه المشغل الأكبر في العديد من الدول العربية، ولأن بناء الثقة بين المواطنين وهذا الجهاز أمر أساسي لممارسة المواطنة ومهم في التنمية والتحول الديموقراطي ومحاربة الفساد. كما أن العمل في الجهاز الحكومي يفترض بالضرورة البحث عن الصالح العام، وإقرار قيم العدالة والمساواة بين جميع المواطنين.
أولا تعارض المصالح يمكن تعريف "تعارض المصالح" بالوضع أو الموقف الذي تتأثر فيه موضوعية واستقلالية قرار موظف/ة في الوظيفة العامة بمصلحة شخصية مادية أو معنوية تهمه/ها هو/هي شخصيا أو أحد أقاربه/ها أو أصدقاءه/ها المقربين أو عندما يتأثر أداؤه/ها للوظيفة العامة باعتبارات شخصية مباشرة أو غير مباشرة أو بمعرفته بالمعلومات التي تتعلق بالقرار. يتحمل الموظف في الموقع العام مسؤولية ضمان عدم وجود أي تعارض للمصالح في الأعمال التي يقوم بأدائها. ففي العديد من الحالات لا يكون تعارض المصالح ظاهرا للعيان، أو معروفا في المجتمع المحيط بالموظف/ة، ولكن يكفي أن تكشف قضية واحدة لتهز ثقة المواطنين ليس بالموظف/ة ومؤسسته فحسب بل في الجهاز التنفيذي ككل.
أمثلة لقضايا تتعلق بتضارب المصالح وتنتشر في الدول العربية: من القضايا التي أثارت الرأي العام في أكثر من دولة عربية قضايا تنظيم الأراضي، حيث يطلع بعض كبار الموظفين على مخططات التنظيم الهيكلي في السنوات القادمة ويقومون بالإيعاز لأقارب أو شركاء بشراء الأراضي خارج التنظيم بأسعار متدنية وهم يعلمون أن الأسعار سترتفع بطريقة خيالية في المستقبل القريب فور إعلان قرارات التنظيم. وفي دول أخرى يسرب كبار الموظفين معلومات تتعلق بقرارات استيراد بعض السلع أو تصديرها مثل تغير في الأسعار أو الضرائب أو الرسوم الجمركية مما يؤدي لإقبال أقاربهم أو أصدقائهم من التجار على الشراء للاستفادة الشخصية من هذه القرارات.
هناك أمثلة أخرى من تضارب المصالح ومنها ما يتعلق على سبيل المثال بالمشتريات العامة، حيث يملك بعض الموظفين سلطة وصلاحية البت في مناقصات والتحكم في مواصفات لمواد وخدمات تزودها شركات خاصة بأقاربهم أو أصدقاءهم، أو القيام بمشتريات غير ضرورية بهدف تنفيع أقارب أو أصدقاء، أو تحديد مواصفات يعجز عن توفيرها شركات خارج نطاق معين يستفيدون منه هم.
خلق بيئة تتصدى لظاهرة تعارض المصالح: لخلق بيئة تتصدى لتضارب المصالح يجب مراعاة عدة قضايا تتعلق بتجنب وجود تضارب مصالح، معالجة الحالات التي تتضارب فيها المصالح والكشف عن حالات تضارب المصالح. سوف نتناول هذه الأمور بشيء من التفصيل فيما يلي: 1. تجنب تضارب المصالح: الجانب الأخلاقي: من الطبيعي أن يتعرض الموظف/ة الحكومي لمواقف تتضارب فيها مصالح العمل مع مصالح شخصية. فالموظف/ة يعيش في المجتمع الذي يعمل فيه والذي تتشابك فيه المصالح باستمرار. الوازع الأخلاقي أساسي في ضمان عدم استغلال الموظف لموقعه/ها. ولكن يجب أن تتوفر آليات محددة مثل تنبيه وتدريب الموظف/ة على المواقع التي قد تتعارض فيها المصالح، وتقديم حوافز مادية ومعنوية تحمي الموظف/ة من الإغراءات المرتبطة باستغلال الوظيفة. من المهم التركيز على ضرورة إشهار أي تعارض للمصالح والتنحي عن المهمة التي تتواجد فيها شبهة تعارض مصالح، أو إبلاغ المسئولين بهذه الحالة حتى تتوافر رقابة أعلى على القرار الذي يوجد فيه شبهة تعارض مصالح. الجانب القانوني: على الرغم من أن القانون وحده ليس ضمانا كافيا لتجنب تضارب المصالح، إلا أن وجود نص قانوني واضح يحمل تعريفا لتضارب المصالح والمواقع التي يتوجب على الموظف الحكومي إشهار معلومات متعلقة بالمهمة التي يقوم بها بالإضافة لعقوبات واضحة في حالة حدوث خلل ما، يشكل خطوة مهمة على طريق تجنب تعارض المصالح. وجود نصوص قانونية يوفر أداة في أيدي نشطاء المجتمع المدني لإثارة الوعي حول الظاهرة وأيضا لإثارة قضايا قانونية ومجتمعية ضد تعارض المصالح.
سمعة الموظف: تتأثر سمعة الموظف/ة بأي شبهة حول تعارض المصالح حتى لو كان القرار الذي اتخذ صائبا ولمصلحة العمل. ولذا فإن اتقاء مواطن الشبهات أفضل للموظف/ة، هذا بالإضافة لاعتماد مبادئ الشفافية والوضوح في مبررات القرار الذي تم اتخاذه. كلما ارتفعت مكانة أو منصب أو منزلة الموظف/ة في السلم الوظيفي كلما كان من الضروري الاهتمام بأصغر التفاصيل التي قد تثير شبهات تضارب المصالح.
سمعة المؤسسة: تثير شبهات تعارض المصالح شكوكا حول المؤسسة وليس حول الموظف/ة فقط، لذا تتحمل المؤسسة مسؤولية خاصة في رقابة الإجراءات وسلامتها، فسمعة المؤسسة تحدد مدى ثقة الجمهور بها تحديدا وبالجهاز الحكومي التنفيذي بشكل عام. تتحمل المؤسسة أيضا مسؤولية تعزيز وتشجيع موظفيها الذين يحرصون على الشفافية والنزاهة في عملهم، وتتحمل أيضا مسؤولية تطوير وتطبيق ميثاق أخلاقي للإجراءات الإدارية التي تقع تحت مسؤوليتها.
لضمان تجنب أي اتهامات قد تواجه الموظف/ة أو المؤسسة يجب أن: يتم الاحتفاظ بسجلات موثقة حول الأعمال ذات العلاقة بالجمهور مثل ملفات المناقصات وملفات تعيين الموظفين الجدد وغيرها تحديد معايير واضحة للعمل وإتاحتها للجمهور من خلال نشرات أو كتيبات أو صفحة انترنت أو لوحة في مقر العمل أو غيرها من طرق توعية الجمهور عند التعرض لاتهامات بسوء الأداء ينبغي الاهتمام فورا بالحصول على نصيحة مهنية من مسئول قانوني أو إداري في المؤسسة وعدم إهمال القضية حتى تتطور
يعتبر إقرار الذمة المالية الذي يطلب من أعضاء المجالس المنتخبة أو الوزراء وكبار موظفي الدولة من إحدى الوسائل المستخدمة لتجنب تضارب المصالح حيث يؤدي الكشف المسبق عن ممتلكات وعلاقات هؤلاء الأشخاص إلى إبعاد الشبهات وتجنب مواقف تتعلق بتضارب المصالح.
2. الكشف عن وجود تضارب مصالح: الإشهار والإعلان عن أي معلومات قد تعتبر أنها تعارض في المصالح أو قد يثير شبهة تعارض المصالح هو أفضل طريقة لكي يتجنب الموظف/ة شر المساءلة والشكوك. قد تكون المعلومات التي تم إشهارها ليست ذات أهمية قصوى ولكنها بالتأكيد سوف تؤدي إلى راحة في التعامل بين الزملاء وفي كسب ثقتهم. في حالات أخرى قد يؤدي إشهار هذه المعلومات (مثل قرابة، أو مصلحة مادية أو معنوية) إلى إقصاء الموظف/ة عن تلك المهمة بالتحديد، ولكنها تكسبه احترام زملاءه ويضمن للمؤسسة مصداقيتها. من الأفضل أن يتنحى موظف/ة عن فتح مناقصة أو مقابلة موظف جديد من أن يتعرض لطائلة الاستجواب القانوني أو شبهات سوء التصرف لاحقا.
على الموظف/ة في الوظيفة العامة أن يتأكد من أن: - ليس لديه ما يخفيه عن مد راءه أو مرؤوسيه فيما يتعلق بالمهام الموكلة له أو كيفية أدائها - لو رافقه مديره في العمل وراقب أداءه سيعتقد أنه أداء جيد ومنصف للجميع وليس فيه تفضيل لطرف على حستب طرف آخر - لا يستفيد هو/ي أو أي من أقاربه/ها أو أصدقاءه/ها من الوظيفة التي يقوم بأدائها - لن يستفيد ماديا هو/ي أو أي من أقاربه/ها أو أصدقائه/ها في المستقبل من قرارات يتخذها حاليا - ليس في طريقة أداءه لعمله/ها ما يمكن أن يمس سمعته/ها أو سمعة المؤسسة التي يعمل بها - لا تتدخل الأمور الشخصية ولا العلاقات العائلية ولا الصداقات في قراراته/ها الخاصة
3. معالجة قضايا تضارب المصالح: التحول من العمل الحكومي للعمل الخاص: من أهم المخاطر التي تتعلق بتضارب المصالح ما يتعلق بانتقال الموظف الحكومي من الوظيفة العامة إلى القطاع الخاص، وقد انتشرت هذه الظاهرة كثيرا في الدول العربية مع زيادة التوجه إلى "الخصخصة"، توفر مجالات عمل في القطاع الخاص لم تكن تتوفر من قبل إلا في القطاع الحكومي، بالإضافة إلى ارتفاع الرواتب التي يقدمها القطاع الخاص مقارنة من الرواتب المتآكلة التي يدفعها الجهاز الحكومي والتي لا يتم تعديلها دوريا لتتغلب على مشكلة تآكل الرواتب والتضخم وارتفاع أسعار السلع، حتى أصبح راتب الحكومة في العديد من الدول العربية لا يسمح للموظف بالعيش فوق معدلات الفقر. وتقوم العديد من الشركات الخاصة والشركات الكبرى بتعيين موظفين سابقين كمستشارين لها وتدفع لهم رواتب مغرية قد تصل لعدة أضعاف رواتبهم الحكومية. وعلى الرغم من أن من حق الشخص اختيار طبيعة العمل الذي يقوم به إلا أن هناك مشاكل محددة تنشأ عن هذا التحول منها أن: بعض موظفي القطاع العام وخاصة الموظفين الكبار يملكون سلطة الإطلاع على معلومات وقرارات تفيد الشركات الخاصة، وأي تسرب لهذه المعلومات قد يضر بالمصلحة العامة لصالح فئات خاصة متنفذة. يملك موظفي الجهاز الحكومي معرفة بالقوانين والإجراءات ويمكنهم الالتفاف عليها، لمصالح خاصة. يملك موظفي الجهاز الحكومي مجموعة من العلاقات مع أصدقاء وزملاء داخل الجهاز وهذه العلاقات تظل حتى بعد مغادرتهم ويمكن أن تستغل لتحقيق مصالح خاصة. قد يتخذ بعض موظفي القطاع العام قرارات تساعد الشركة أو المؤسسة التي سيعملون بها في المستقبل. على الرغم من أن الجانب الأخلاقي مهم جدا في هذه الحالات إلا أن هناك بعض الاحتياطات التي يمكن أن تحد من المخاطر السابقة ومن هذه الإجراءات: أن يشترط الجهاز الحكومي عدم الجمع بين وظيفة داخله وأي وظيفة أخرى كان تكون للطبيب عيادة خاصة أو للمهندس شركة مقاولات أو أن يعطي المعلم دروسا خصوصية على أن تتوفر لهؤلاء رواتب حكومية مجزية تكفل لهم الحياة الكريمة وتكون بمثابة تعويض مادي كافي من وظيفته الرسمية أن يشترط الجهاز الحكومي عدم عودة من استقال من الخدمة للعمل في أي وظيفة حكومية أخرى أن يتم وضع شروط خاصة في عقود العمل يتعهد فيها الموظف الحكومي بالحفاظ على سرية المعلومات التي تكون في حوزته أو التي يطلع عليها بحكم وظيفته وأن أي إخلال بهذا الشرط يعرضه للمساءلة القانونية ابدأ بنفسك: على نشطاء المجتمع المدني المهتمين بقضايا النزاهة والشفافية أن يبدأوا بأنفسهم أولا، قبل مساءلة الآخرين. هناك مبادئ بسيطة يمكن لأي شخص أن يطبقها على نفسه سواء كان يعمل في مؤسسة أهلية أو حكومية أو خاصة. من هذه القواعد: - لا تقم بفعل أي شي تدرك أو تعتقد بأنه عمل غير قانوني أو غير أخلاقي وتتعارض فيه مصالح العمل مع مصالح ذاتية لك أو لأحد أقاربك، أو أصدقاءك - لا تستخدم أي من ممتلكات المؤسسة التي تعمل بها لمنفعتك الخاصة أو منفعة أحد أصدقاءك أو أقاربك - لا تشارك في أي تعامل لا يكون له هدف واضح ومشروع - اسأل نفسك فيما إذا كانت أية معاملة أو ممارسة تجارية سوف تصمد أمام تدقيق مالي وإداري، أو في نظر الرأي العام في حالة الكشف عنها وتحديدا فيما يتعلق بتضارب مصالح غير معلن - لا تقم بأي عمل من شأنه أن يجعلك غير صادق في أداء مهماتك - اطلب المشورة والنصح في حالة الشك
المطالبة بوثيقة رسمية حول أخلاقيات العمل الحكومي: صار من المتعارف عليه في دول عديدة صياغة "ميثاق شرف المهنة" أو وثيقة أخلاقيات العمل الحكومي، وهي وثيقة رسمية تصدرها الحكومة لتحدد الممارسات والأخلاقيات التي من المتوقع أن يتبعها الموظفون الحكوميون وتلك التي يجب أن يتجنبونها أو التي تضعهم تحت طائلة المساءلة والعقاب أحيانا. هذه الوثيقة تحمل صفة توعوية ولكنها أيضا تحدد مسؤولية الموظف الحكومي ودوره. على المواطنين أن يكونوا على إطلاع ووعي بمحتويات هذه الوثيقة وهمن هنا يكون لنشطاء المجتمع المدني عدة أدوار منها: 1. المطالبة بإعداد مثل هذه الوثيقة في حالة عدم وجودها 2. إجراء نقاش مجتمعي حول ما يجب أن تحتويه الوثيقة اعتمادا على التجارب الوطنية المختلفة فقد تنتشر في دولة ما الواسطة أو تعارض المصالح أو البيروقراطية في العمل مما يستوجب إعطاء أهمية خاصة لهذه الظاهرة 3. قيام مؤسسات النزاهة والشفافية ونشطاء المجتمع المدني بحملات توعية للجمهور العادي لتوعيته بمحتويات وثيقة أخلاقيات العمل الحكومي بطرق مختلفة 4. المطالبة برقابة حكومية على مدى التزام الموظفين الحكوميين بأخلاقيات المهنة كما ترد في الوثيقة، ومساهمة مؤسسات المجتمع المدني ونشطاءه في أنشطة رقابة موازية 5. تحريك الشكاوى العامة حول أي اختراقات وإثارة الرأي العام والإعلام حول الظاهرة
المطالبة بأن تعكس القوانين والتشريعات الوطنية مضمون وثيقة أخلاقيات العمل الحكومي: على نشطاء المجتمع المدني أن يطالبوا الجهاز التشريعي في بلادهم بأن تعكس التشريعات والقوانين الوطنية أخلاقيات العمل الحكومي المتفق عليه، وإقرار تشريعات جديدة أو تعديل التشريعات بحيث تتم مساءلة ومحاسبة من لا يلتزم بها. على الرغم من أن التشريعات والقوانين ليست ضمانا أو جدارا واقيا للتجاوزات إلا أن وجودها يطمئن المواطن العادي ويشكل أداة هامة في أيدي نشطاء المجتمع المدني لتحريك قضايا تهم الرأي العام، وتساهم في تغيير الأنماط الاجتماعية السائدة.
ثانيا: المحاباة تعرف "المحاباة" هنا على أنها استخدام للعلاقات القرابة أو العلاقات العشائرية أو العائلية أو الحزبية أو الجهوية أو الطائفية لغرض اكتساب مصلحة أو تسهيل مهمة أو التهرب من مسؤولية ليست من حق المنتفع أو لتجاوز أنظمة وقوانين محددة. هناك أشكال مختلفة من المحاباة والتي تنتشر في البلدان العربية بمسميات مختلفة منها على سبيل المثال مُحَاباةُ الأَقَارِب في التوظيف أو المَحْسُوبِيَّة وتعرف أيضا بالشفاعة، وعلى نطاق واسع بالواسطة.
يستخدم البعض القرآن الكريم لتبرير الشفاعة باستخدام قوله عز وجل: "من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها ومن يشفع شفاعة سيئة يكن له كفل منها" (سورة النساء الآية 85). وكذلك بعض الأحاديث لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ومنها قوله "اشفعوا تؤجروا"، وقوله صلى الله عليه وسلم "لأن أمشي مع أخي في حاجة خير لي من أن أعتكف في مسجدي هذا شهراً"، وقوله "من كثرت نعمة الله عنده كثرت حاجة الناس إليه". إن هذا الاستعمال يغفل الخيط الرفيع بين دعوة الدين الإسلامي للتكافل والترابط المجتمعي وبين استغلال العلاقات لمصلحة ذاتية. فلا يوجد شفاعة حسنة وأخرى سيئة لأنه ببساطة لا يمكن الفصل بين المصلحة الذاتية التي قد تكون مادية أو معنوية (على صورة مكانة اجتماعية أو تقدير معنوي للشخص الذي يقوم بالوساطة)، وبين المصلحة العامة التي يدعي البعض أنه يهدف لها عن طريق مساعدة فقير في الحصول على خدمة أو خريج جديد في الحصول على وظيفة. الخروج عن قواعد الوظيفة قد يكون مفيدا لإنهاء إجراءات معقدة، ولكن هذا أمر لا يمكن قبوله لأن الذي ينتهك قواعد الخدمة لا يسعى بذلك إلى خدمة جميع المواطنين وإنما يخرج عنها لمن يحقق مصلحة خاصة مباشرة لشاغل المنصب العام أو لمن يهمه أمرهم من الأصدقاء والأقارب مما يجعل الوظيفة العامة مصدرا للثراء وبسط النفوذ ويؤدي إلى تركز الثروة في أيدي فئة معينة .
ويقول الشاعر العربي: وأحسن الناس بين الورى رجل تقضى على يده للناس حاجات
الشللية أو الزبائنية، وهي نوع خاص من المحاباة التي تتم بناء على علاقات الصداقة أو الانتماء لحزب أو مجموعة سياسية أو اجتماعية محددة. ينتشر هذا الشكل من أشكال المحاباة بدرجة كبيرة في الدول العربية، حيث يحصل أعضاء الحزب الحاكم وأصدقائهم على غالبية الوظائف الحكومية والتسهيلات الإدارية والمالية. بل إنه في بعض الدول يشكل الانضمام للحزب الحاكم الوسيلة الأساسية للحصول على فرص تعليم جامعي ومنح ووظائف وأحيانا على معونات اجتماعية وخدمات تأمين صحي وغيرها. هذا الشكل من أشكال الفساد يوجد أيضا في العديد من أحزاب المعارضة والمؤسسات الأهلية التابعة لها ولكن وجوده في الحزب الحاكم يؤثر بالأساس على تركيبة الجهاز التنفيذي الحكومي الذي يفترض أن يكون متاحا لخدمة جميع المواطنين بغض النظر عن انتماءاتهم.
في بعض الدول العربية تنتشر أيضا أنواع من الزبائنية الطائفية والتي تسعى فيها كل طائفة دينية أو مجموعة عرقية لتعزيز نفوذها في الجهاز الحكومي مما يخلق توزيعا لمناطق النفوذ والسيطرة في الجهاز التنفيذي.
المحاباة في العالم العربي تميز أيضا ضد النساء: المصالح المتشابكة والواسطات تفيد الرجال أو الذكور في العائلة الممتدة أو القبيلة أو الحزب السياسي. فالعائلة والقبيلة والعشيرة تتباهى برجالها الذين يشغلون مناصب مهمة ويشكلون بالتالي ضغطا لضمان وصول أكبر عدد ممكن من "رجال" العائلة لمناصب مهمة فهم سيكونون ذخرا لهم في المستقبل. تستثنى النساء غالبا من هذا النوع من الخدمات أو يضطررن للاستعانة بقريب رجل مما يخل بحقوق المواطنة المتساوية بين الرجال والنساء، وفرص كل منهم في الحصول على خدمات عن طريق الواسطة والمحسوبية والزبائنية.
يعاني الفقراء والمهمشين وأحيانا الأقليات من عدم القدرة على الوصول لخدمات عن طريق الواسطة والمحسوبية والتي تعمل لصالح الأغنياء والأقوياء، مما يعني أنهم يدورون في حلقة مفرغة من الحرمان ويصعب عليهم الخروج من حالة الفقر والبطالة والمعاناة. تعزز المحسوبية والواسطة والشللية من حالات التهميش والفقر في المجتمع وحاربتها هي إحدى الوسائل للتصدي لمشكلات الفقر واللاتنمية.
مدى انتشار المحاباة في الوطن العربي: لا أحد ينكر وجود هذه المظاهر في ثنايا كثير من الملفات والمعاملات الحكومية في الدول العربية، إذ لا يخلو أي مكان من قريب أو صديق يستطيع أن «يمرر» هذا الملف إلى نقطة عبور. رغم تحفظ المواطنين وشكواهم المستمرة من تأثير "الواسطة" إلا أنهم يجدون أنفسهم تحت ضغط الضرورة يستخدمون «فيتامين و » للحصول على خدمة وإن كان على حساب الغير. أغلب المواطنين يتذمرون من الواسطة ولكنهم يلجئون إليها لأنهم يجبروا على استخدامها أو يعتبرونها حقا من حقوق القرابة والصداقة، ولكن في مجتمع تسوده قيم المواطنة ينبغي أن يحصل المواطن على حقه بدون واسطة من أحد وألا يحصل على حق غيره بواسطة من أحد.
في الأنظمة الاجتماعية العربية تظهر «الفزعة» أي محاولة نجدة الأقارب والأصدقاء مما يغدو «فزّاعة» للآخرين بسبب الخوف من ضياع حقوقهم، لمن لا يستحق أو لمن يرون بأنهم أحق منه. هذه المظاهر تؤدي إلى ضياع حقوق الموهوبين من أفراد المجتمع الذي هو بواقع الأمر بحاجة لهم للتطوير والتنمية. ويتفق الخبراء على أن هذه المظاهر لها أثار سلبية على التنمية، وهي ظاهره غير صحية تؤدي إلى تفشي الفساد، ويخلق روح الانتهازية لأصحاب النفوذ والحظوظ، كما تخلق روح الحقد والكراهية والسلبية لدى الفئة التي لا تملك هذه المميزة.
لا تتوفر دراسات وإحصاءات دقيقة حول مدى انتشار هذه المظاهر في العالم العربي، علما بان هناك شعور عام بأنها منتشرة إلى حد كبير. في دراسة أجرتها مؤسسة الأرشيف العربي في الأردن وجدت أن 45.83% من المستطلعة آراؤهم يبحثون عن واسطة قبل التوجه لإنجاز معاملة في مؤسسة حكومية أو خاصة و19.16% يلجأون للواسطة بعد البدء في المعاملة مما يرفع نسبة الذين يعتمدون على الواسطة إلى حوالي 65%. و40.59% من هؤلاء يعتقدون أنه لا يمكن إنجاز المعاملة بدون واسطة، وعلى الرغم من ذلك يعتقد 85.83% أن الواسطة شكل من أشكال الفساد، كما يعتقد 87.22% انه يجب القضاء على الواسطة .
وفي دراسة أجرتها مؤسسة ألفا العالمية للبحوث والدراسات المسحية في فلسطين على عينة ممثلة من طلبة الصف الثاني عشر (18 سنة) أيد 39.2% دور الواسطة في المجتمع الفلسطيني في إيجاد فرص عمل وفي تصريف شؤون الحياة بينما رفضها 60.8% ولكن عند توفر واسطة سوف يستخدمها 41.7% من الشباب وقد يستخدمها 25.2% (بتردد)، بينما أكد 33.2% فقط أنهم لن يقوموا باستخدامها. علما بأن الحديث عن فئة الشباب الذين هم أكثر تقبلا للتغيرات المجتمعية.
البيئة المعززة للمحاباة: تظهر المحاباة في ممارسات باتت لكثرة استخدامها تعتبر طبيعية وقد زاد انتشارها في الوقت الحاضر في العديد من المؤسسات العربية وترجع لعدة أسباب منها: • تأثير القيم الاجتماعية السائدة (مثل الولاء العائلي أو العشائري) وإعادة إنتاجها دون استجابة للمتغيرات الحديثة • انتشار الفقر والظروف الاجتماعية والاقتصادية الصعبة التي تمر بها بعض الدول العربية والتي تؤدي إلى شح المصادر اللازمة لخلق فرص عمل، أو لأداء الخدمات الموكلة للدولة • ارتفاع معدلات الخصوبة التي ترفع معدلات الإعالة وتضيف أعباء على الدولة في توفير خدمات أساسية للمواطنين • عجز المؤسسات الحكومية عن تقديم الخدمات المناطة بها بسبب البيروقراطية والترهل الوظيفي وقلة الكفاءة مما يدفع المواطنين إلى البحث عن واسطة لتسهيل الحصول على بعض الخدمات • انتشار البطالة خاصة بين الشباب، فالعالم العربي من المناطق "الفتية" في العالم الذي يزداد فيه عدد الباحثين عن عمل سنويا باطراد مستمر • تكاسل بعض الموظفين من رؤساء ومرؤوسين وإهمالهم وتقصيرهم في أداء المهام الوظيفية الموكلة لهم • غياب الأنظمة والتعليمات الواضحة للجمهور وعدم وعيهم بها وعدم وجود جهات موثوقة يمكنهم اللجوء إليها لتقديم شكاوى في حالة عدم تقيد الموظفين بهذه الأنظمة والإجراءات • غياب الثقة بنزاهة القضاء، بالإضافة إلى تعقيدات وتكلفة التقاضي وعدم الثقة بأجهزة الضبط الاجتماعي
أهم المخاطر التي تتسبب بها استخدام المحاباة • فقدان الثقة في النظام الاجتماعي السياسي، وبالتالي فقدان شعور المواطنة والانتماء القائم على علاقة تعاقدية بين الفرد والدولة فيها مسؤوليات وواجبات وينتج عنها حقوق • هجرة العقول العربية والكفاءات والتي تفقد الأمل في الحصول على موقع يتلاءم مع قدراتها، مما يدفعها للبحث عن فرص عمل ونجاح في الخارج. يساهم إفراغ الدول العربية من العقول الواعدة لصالح العلاقات العائلية والعشائرية في استمرار تخلف الدول العربية عن ركب الحضارة والتقدم • تركز ثروات البلاد في أيدي فئة محددة مما يزيد من الفقر ويساهم في هروب الاستثمارات الوطنية اقتراحات عملية لمعالجة المحاباة:
تجربة الحكومة الالكترونية: يقترح البعض اللجوء للتكنولوجيا الحديثة لتسهيل الإجراءات الحكومية وتقليل الحاجة إلى التدخل بالواسطة والمحسوبية، وللقضاء على مشاكل البيروقراطية والترهل الحكومي قامت دبي بالبدء بتجربة الحكومة الالكترونية التي مر عليها عامان وقد سمحت لحد الآن بتقديم أكثر من 600 خدمة عبر الإنترنت. لكن المسئولين في دبي يهدفون إلى توسيع نطاق التعامل عبر الحكومة الإلكترونية للوصول إلى حدود توفير 70 % من الخدمات بصورة إلكترونية مع حلول العام 2005. ولتسهيل وصول المواطن إلى المعلومة أو الخدمة التي يرغب الحصول عليها، تم توحيد المرور إلى مختلف القطاعات والمصالح الحكومية عبر بوابة الحكومة الإلكترونية. ومن الخدمات المعروضة، الاستفسار عن الفواتير والمخالفات وتسديدها إلكترونيا. ولتسهيل عملية التسديد الإلكتروني، قامت وزارة المالية بإصدار البطاقة الإلكترونية التي أطلق عليها اسم الدرهم الإلكتروني، والتي يمكن تعبئتها إما عن طريق البنك أو مباشرة عبر الإنترنت. كما يمكن الحصول على العديد من الوثائق كشهادة ميلاد، أو تأشيرة دخول عبر الإنترنت. ويمكن تجديد العديد من البطاقات الإدارية عبر نفس الطريقة سواء فيما يتعلق بميدان الصحة أو سياقة السيارات أو إيجار مسكن وغيرها. وللسماح للباحثين عن عمل بتقديم عروضهم إلى كافة الدوائر الحكومية أو التعرف على الوظائف الشاغرة، تم استحداث مصلحة التوظيف إلكترونيا eJob. ، وهذه المصلحة سمحت بتبسيط طريقة عرض الطلبات، بحيث تجمع كلها في قاعدة بيانات موحدة، مما يسمح لمختلف الدوائر الحكومية باختيار الموظفين الذين هي في حاجة إليهم. ولا تكتفي الحكومة الإلكترونية في دبي بعرض خدماتها بل فتحت مجالا للرد على استفسارات وأسئلة العملاء من خلال مصلحة أنت تسال... ودبي تجيب "AskDubai" بحيث يمكن إرسال الاستفسار عبر بوابة الحكومة الإلكترونية واستلام الرد بالقنوات المفضلة كالهاتف أو الفاكس أو عبر البريد الإلكتروني بل حتى عبر المحادثة المباشرة عبر الإنترنت .
توفر النصوص القانونية العربية التي تحد من انتشار المحاباة هناك طريقتان من التعامل مع إشكاليات الواسطة والمحسوبية والشللية في القوانين العربية، تقوم إحداها بتجريم الظاهرة بشكل واضح وصريح في قانون العقوبات، حيث توجد العديد من النصوص القانونية التي تجرم استخدام الواسطة أو المحسوبية منها على سبيل المثال المادة 347 من قانون العقوبات السوري الذي ينص على أن "من أخذ أو التمس أجرا غير واجب أو قبل الوعد به سواء لنفسه أو لغيره بقصد إنالة آخرين أو السعي لإنالتهم وظيفة أو عملا أو مقاولات أو مشاريع أو أرباحا غيرها أو منحا من الدولة أو إحدى الإدارات العامة أو بقصد التأثير في مسلك السلطات بأية كطريقة كانت عوقب بالحبس من شهرين إلى سنتين، وبغرامة أقلها ضعف قيمة ما اخذ أو عوقب به." كما ورد نص مشابه في قانون العقوبات اللبناني مادة رقم 357. أما المادة 358 من قانون العقوبات اللبناني فتنص على أنه "إذا اقترف الفعل محام بحجة الحصول على عطف قاض أو حاكم أو خبير في قضية عوقب بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات ومنع من ممارسة مهنته مدى الحياة". وجرمت المادة 105 من قانون العقوبات المصري الواسطة بالنص على "كل موظف عمومي قام بعمل من أعمال وظيفته أو امتنع عن عمل من أعمال وظيفته أو أخل بواجباتها نتيجة لرجاء أو توصية أو وساطة يعاقب بالسجن وبغرامة لا تقل عن 200 جنيه ولا تزيد عن 500 جنيه". أما الطريقة الأخرى فتعتبر هذه الإشكاليات من أنواع الخلل الإداري الذي تتراوح فيه نسبة المساءلة بين مساءلة إدارية تقدم للمحكمة الإدارية كما في الأردن أو كما في المملكة العربية السعودية التي تعتبر الواسطة أحد المخالفات الإدارية التي يعاقب عليها النظام بالسجن أو الغرامة أو كليهما معا، بل أنها "تعتبر في حكم الرشوة لما لها من أثر سلبي بالغ على الوظيفة العامة والمواطنين على حد سواء".
جميع الدساتير العربية والقوانين الأساسية تنص على المساواة والعدل وتكافؤ الفرص: حتى في البلدان العربية التي لا يوجد فيها نص قانوني صريح يجرم أو يمنع مظاهر المحاباة بأشكالها المتعددة، إلا أنها جميعا تنص على مبدأ المساواة في الفرص بغض النظر عن الانتماء الديني أو العرقي أو الطائفي أو السياسي أو اللغة أو الطبقة الاجتماعية والنوع الاجتماعي. والمساواة تفترض عدم حصول شخص أو أشخاص على منفعة عامة على حساب الآخرين. يمكن للمواطنين ولنشطاء المجتمع المدني الاعتماد على نصوص المساواة لإثبات أي تمييز ضدهم أدى لعدم حصولهم على منفعة ما أو حصول آخرين على هذه المنفعة بدون وجه حق.
القانون وحده ليس ضمانا لانتهاء المحاباة: من المعروف أن الدول المذكورة أعلاه تعاني من استفحال في الواسطة والمحسوبية والشليلة على الرغم من وجود نصوص قانونية وهذه إشكالية عامة تتعلق في الفجوة بين نص القانون وتطبيقه، ومدي وعي المواطنين بوجود القانون وإمكانية استخدامه، وضعف الأجهزة القضائية وفي بعض الأحيان عدم ثقة المواطنين بها. إلا أن هذه الأمور جميعها لا تنفي أهمية وجود النصوص القانونية التي توفر إطار حماية ومرجعية في جميع القضايا التي تتعلق بالفساد وسوء استخدام السلطة.
خلق بيئة معززة للحد من المحاباة: فهم طبيعة المجتمع وإشكالياته هو حجر الأساس للتخلص من المحاباة ولتعزيز ثقة المواطنين بالمؤسسة الرسمية، ولتعزيز الديموقراطية والشفافية والمسائلة، وللمساهمة في استقطاب الاستثمارات الوطنية والأجنبية، والبدء في محاربة الفقر والسير بخطى حثيثة نحو التنمية. هناك العديد من الخطوات التي يمكن البدء بها، بعضها يجب أن تقوم به المؤسسة الرسمية وموظفيها، وبعضها مهمة نشطاء المجتمع المدني. من هذه الخطوات: وضع الشخص المناسب في المكان المناسب: عندما يتم التوظيف بناء على حاجة المؤسسة وكفاءة وإمكانيات الشخص، وليس اسم عائلته أو قبيلته، وليس لعلاقته أو قرابته بأحد الموظفين المهمين في البلد تبدأ الخطوة الأولى نحو كسر حلقة من الممارسات السلبية "المجاملات" و"الخواطر". للوصول إلى إجراءات توظيف مناسبة هناك بعض الإجراءات العملية التي يمكن القيام بها وهي: - الإعلان العام عن الوظائف الشاغرة بما يضمن وصوله لأكبر قطاع من المهتمين - تحديد المواصفات اللازمة لملء الفراغ من شهادات علمية وخبرات عملية ونشرها مع الإعلان وإتاحتها لجميع الراغبين في التقدم للوظيفة - تحدد لجنة محايدة ذات تمثيل متوازن من المؤسسة قادرة على تحديد الشخص المناسب للوظيفة لمراجعة الطلبات جميعها وتحديد قائمة مختصرة بأفضل المرشحين (تحديد عدد الأشخاص الذين يمكن مقابلتهم). - يطلب من أعضاء اللجنة توقيع تعهد خطي بأن ليس لهم علاقة قرابة أو صلة شخصية بأي من المرشحين للوظيفة، وأنهم يتعهدون بالإفصاح عن أي ضغوط قد يتعرضوا لها في هذا المجال - يتم كتابة تقرير مفصل بإجراءات المقابلة وأسباب رفض أو قبول المرشح للوظيفة - يجب أن تكون الوظائف متاحة بنفس القدر لجميع الأشخاص الذين يملكون المؤهلات بغض النظر عن النوع الاجتماعي والخلفية الاجتماعية والسياسية والفكرية والإعاقة - يجب أن تتاح فرصة للذين لم يتم اختيارهم للسؤال عن أسباب عدم حصولهم على الوظيفة، وأن يتم التعامل بايجابية وتفهم مع مثل هذه التساؤلات
مؤشرات لتشخيص تعارض المصالح والمحاباة: تضارب المصالح والشللية والمحسوبية والزبائنية والواسطة والشفاعة وغيرها من مظاهر استخدام المنصب العام لمصالح ذاتية ليست قدرا لا مفر منه، وهي من مؤشرات الفساد التي يجب التصدي لها بقوة وفاعلية. هناك متطلبات لابد منها للتصدي لهذه الظاهرة. فهل يوجد في بلدك: سيطرة كبيرة للعشائر أو القبائل أو الحزب الحاكم تتعارض مع مبادئ الإدارة الحديثة إمكانية لحل الخلافات والتعارض بين أسلوبي العمل (العشائري والمهني الحديث) بما يخدم الصالح العام قانون وطني يحدد مبادئ ومعايير التصدي لتضارب المصالح، وكيفية التعامل مع مظاهر المحاباة إجراءات وقواعد تمنع مظاهر استغلال المنصب العام بعد ترك الموظف الحكومي لعمله في المؤسسة العامة آليات ومعايير واضحة للتعيين في الوظائف الحكومية معايير واضحة تتبعها المؤسسات الحكومية للتصدي لظاهرة تعارض المصالح والمحاباة وعي بين الموظفين الحكوميين بهذه المعايير وعي بين أوساط المواطنين بهذه المعايير مراكز تقدم استشارات قانونية ومهنية للموظفين الحكوميين حول الإدارة الجيدة وحل المشاكل الإدارية الناجمة عن تضارب المصالح أو المحاباة
قائمة المراجع
أمان: الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة، التقرير العالمي حول الفساد 2004، ملخص باللغة العربية، رام الله: فلسطين. سالم، حنان. 2003. ثقافة الفساد في مصر: دراسة مقارنة للدول النامية، دار مصر المحروسة: القاهرة. سكجها، باسم وسائدة الكيلاني، 2002، السر المعلن: الواسطة في الأردن، مؤسسة الأرشيف العربي: الأردن.
| |
|