ا[center]لحر بن يزيد الرياحي التميمي
الشهيد في سطور
• أبوه: يزيد بن ناجية بن قعنب بن عتاب بن هرمي بن رياح بن يربوع بن حنظلة بن مالك
بن زيد مناة التميمي اليربوعي الرياحي.
* من أشراف العرب ووجوهها.
* من شجعان المسلمين.
* أرسله ابن زياد لصد الحسين (رضي الله عنه) عن الكوفة.
* جاهد بين يديه جهاد الأبطال وقتل جمعاً كثيراً منهم ثم استشهد.
* بكى لمصرعه الحسين (رضي الله عنه) وابّنه.
• قبره: في ضواحي كربلاء ـ منفرداً عن بقية الشهداء .
وفي يوم عاشوراء وبعد أن صف كل من الحسين رضي الله عنه وابن سعد جيشه للحرب،
وبعد خطب سيد الشهداء وأصحابه أقبل الحر على ابن سعد قائلا: أصلحك الله أمقاتل أنت هذا الرجل؟!
ابن سعد: إي والله قتالاً أيسره أن تسقط الرؤوس وتطيح الايدي.
الحر التميمي: فما لك في واحدة من الخصال التي عرض عليكم رضاً؟
ابن سعد: أما والله لو كان الأمر لي لفعلت ولكن أميرك قد أبى.
فأقبل الحر التميمي حتى وقف من الناس موقفاً، ومعه قرة بن قيس الرياحي التميمي، فقال:
يا قرة هل سقيت فرسك اليوم؟
قال: لا.
قال: أما تريد أن تسقيه؟
قال: فظننت والله أنه يريد أن يتنحى فلا يشهد القتال،
وكره أن أراه حين يصنع فخاف أن أرفعه عليه. فقلت: أنا منطلق فساقيه.
قال: فاعتزلت ذلك المكان الذي كان فيه، فوالله لو أطلعني على الذي يريد لخرجت معه.
فأخذ يدنو من الحسين قليلاً قليلاً.
فقال له المهاجر بن أوس الرياحي التميمي : ما تريد يا بن يزيد؟ أتريد أن تحمل؟
فسكت، وأخذه مثل العرواء (الرعدة من البرد والانتفاض).
فقال له يا بن يزيد: إن أمرك لمريب، وما رأيت منك في موقف قط مثل شيء أراه الآن،
ولو قيل لي من أشجع أهل الكوفة رجلاً ما عدوتك، فما هذا الذي أرى منك؟!!!
قال:إني والله أخير نفسي بين الجنة والنار ووالله لا أختار على الجنة شيئاً ولو قطعت وحرقت.
ثم ضرب فرسه ولحق بالحسين .
فلما دنا منهم قلب ترسه.
فقالوا: مستأمن.
وذكر السيد ابن طاووس رحمه الله:
ثم ضرب فرسه قاصداً إلى الحسين ويده على رأسه وهو يقول:
اللهم إليك تبت فتب عليّ فقد أرعبت قلوب أوليائك وأولاد بنت نبيك. (اللهوف: 43).
سلّم على الحسين وقال:
جعلني الله فداك يا بن رسول الله، أنا صاحبك الذي حبستك عن الرجوع،
وسايرتك في الطريق،
وجعجعت بك في هذا المكان.
والله الذي لا إله إلا هو ما ظننت أن القوم يردون عليك ما عرضت عليهم أبداً،
ولا يبلغون منك هذه المنزلة، فقلت في نفسي:
لا أبالي أن أصانع القوم في بعض أمرهم ولا يظنون أني خرجت من طاعتهم،
وأما هم فسيقبلون من حسين هذه الخصال التي يعرض عليهم.
ووالله إني لو ظننتم لا يقبلونها منك ما ركبتها منك،
وإني قد جئتك تائباً مما كان مني إلى ربي، ومواسياً لك بنفسي حتى أموت بين يديك، أفترى لي توبة؟
قال الحسين: نعم، يتوب الله عليك، ويغفر لك، فانزل.
قال: أنا لك فارساً خير مني راجلاً، أقاتلهم على فرسي ساعة وإلى النزول يصير آخر أمري.
قال الحسين: فاصنع ما بدا لك. (إبصار العين: 144).
خطته
كان من خطة سيد الشهداء في يوم عاشوراء التوجيه والإرشاد، فكان الحسين يخطب فيهم واعظاً وناصحاً ومرشداً.
وربما كان يستعطف القوم ويحرك القلوب، فهو يسألهم عما عليه من الملابس والسلاح
وأنها ملابس رسول الله (صلى الله عليه وآله) وسلاحه.
وعمل أكثر من هذا حمل إليهم طفله الرضيع يطلب له منهم شربة من الماء،
ونجحت المحاولة، وأحدث الحسين الضجة في عسكر ابن سعد،
ولكن مبادرة حرملة بن كاهل لقتل الرضيع أفشل المحاولة.
وسلك أصحاب الحسين نفس الخطة في التوجيه والإرشاد،
فقد خطبوا ووعظوا ونصحوا وقد مر عليك في هذه السلسلة بعض خطبهم .
وأول عمل قام به الحر التميمي عندما انحاز إلى معسكر الحسين هو خطبته في أهل الكوفة قائلاً:
يا أهل الكوفة لأمّكم الهبل والعبر،
إذ دعوتموه حتى إذا أتاكم أسلمتموه،
وزعمتم أنكم قاتلوا أنفسكم دونه ثم عدوتم عليه لتقتلوه.
أمسكتم بنفسه، وأخذتم بكظمه، واحتطم به من كل جانب،
فمنعتموه التوجه في بلاد الله العريضة حتى يأمن ويأمن أهل بيته،
وأصبح في أيديكم كالأسير لا يملك لنفسه نفعاً،
ولا يدفع ضراً وحلأتموه ونساءه وصبيته وأصحابه عن ماء الفرات الجاري
الذي يشربه اليهودي والمجوسي والنصراني، وتمرغ فيه خنازير السواد وكلابه،
وها هم قد صرعهم العطش، بئسما خلفتم محمداً في ذريته، لا سقاكم الله يوم الظمأ
إن لم تتوبوا وتنزعوا عما أنتم عليه من يومكم هذا في ساعتكم هذه.
فحملت عليه رجالة ترميه بالنبل، فأقبل حتى وقف أمام الحسين. (تاريخ الطبري: 6: 245).
شهادته
يظهر للباحث أن مجيء الحر التميمي إلى معسكر الحسين كان قبل بدء الحرب،
وإن كان السيد ابن طاووس (رحمه الله) يرى أن رجوعه كان أثناء الحرب،
وبعد مقتل جماعة من أصحاب الحسين .
ولكن سياق الحوادث لا يساعد على ذلك.
فبعد الحملة الأولى ومقتل أكثر أصحاب الحسين خرج الحر التميمي إلى الحرب وخلفه زهير بن القين يحمي ظهره.
فقاتل هو وزهير قتالاً شديداً، فكان إذا شد أحدهما فإن استلحم شد الآخر حتى يخلصه ففعلا ذلك ساعة.
(تاريخ الطبري: 6: 252).
والحر التميمي يرتجز:
أضرب في أعراضكم بالسيف
إني أنا الحر ومأوى الضيف
عن خير من حل بأرض الخيف
(إبصار العين: 145).
وروى أبو مخنف:أن يزيد بن سفيان الثغري قال:
أما والله لو رأيت الحر حين خرج لأتبعته السنان، قال:
فبينا الناس يتجاولون ويقتتلون، والحر بن يزيد يحمل على القوم مقدماً ويتمثل ويقول :
ما زلت أرميهم بثغرة نحره***ولبانه حتى تسربل بالدم
وإن فرسه لمضروب على أذنيه وحاجبيه وإن دماءه لتسيل فقال الحصين بن نمير التميمي ليزيد بن سفيان:
هذا الحر الذي كنت تتمنى قتله. قال: نعم، وخرج إليه فقال له: هل لك يا حر في المبارزة؟
قال: نعم قد شئت، فبرز له.
قال الحصين التميمي: وكنت أنظر إليه فوالله لكأن نفسه كانت في يد الحر، خرج إليه فما لبث أن قتله.
وروى أبو مخنف عن أيوب بن مشرح الخيواني أنه كان يقول:
جال الحر على فرسه فرميته بسهم فحشاته فرسه، فما لبث أن رعد الفرس واضطرب وكبا،
فوثب عنه الحر كأنه ليث، والسيف في يده وهو يقول:
أشجع من ذي لبد هزبر
أن تعقروا بي فأنا الحر
فما رأيت أحداً يفري فريه، فأخذ يقاتل راجلاً وهو يقول:
ولـــــن أصــــــاب اليوم إلا مقبلا
لا نــــــــاكلاً فيــــــهم ولا مــهللا
آليت لا أقتل حــــتى أقــــــــتلا
أضربهم بالسف ضرباً مفصلا
(إبصار العين: 145).
قال الشيخ كاشف الغطاء (رحمه الله):
وبقي الحر يدير رحى الحرب وحده، ويحصد الرؤوس،
ويخمد النفوس، حتى قتل في حملته الأخيرة ثمانين فارساً من أبطالهم،
فضج العسكر، وصعب عليهم أمره، فنادى ابن سعد بالرماة والنبالة فأحدقوا به من كل جانب
حتى صار درعه كالقنفذ، هنالك اتقدت نار الغيرة في كانون فؤاده،
ووقف وقفة المستميت فنزل عن فرسه وعقرها لأنها لم تستطع الاقتحام من كثرة السهام،
وأخذ يكر عليهم راجلاً إلى أن سقط على الأرض وبه رمق، فكر عليه أصحاب الحسين ،
واحتملوه حتى ألقوه بين يدي الحسين ، فجعل الحسين يمسح الدم والتراب عن وجهه ويقول:
ما أخطأت أمك إذ سمتك حرا، أنت الحر في الدنيا والحر في الآخرة؛
ثم استعبر . (مقتل الحسين ص40).
وقد وقف على مصرع زهير بن القين وقال:
(لا يبعدنك الله يا زهير ولعن قاتليك لعن الذين مسخوا قردة وخنازير). (مقتل الحسين للمقرم: 206).
وروى الشيخ الصدوق مصرع الحر التميمي وقال: فأتاه الحسين
ودمه يشخب فقال: بخ بخ يا حر، أنت حر كما سميت في الدنيا والآخرة، ثم أنشأ الحسين يقول:
صبور عند مختلف الرماح
فجـــاد بنفسه عند الصباح
لنعم الحر حر بنــــي رياح
ونعم الحر إذ فادى حسيناً
(أمالي الشيخ الصدوق: 141).
قالوا في الحر
1ـ قال له المهاجر بن أوس: (لو قيل لي من أشجع الكوفة ما عدوتك). (بحار الأنوار ج10 ص194).
2ـ قال سبط ابن الجوزي: (وكان الحر بن يزيد اليربوعي من سادتهم ـ يريد أهل الكوفة).
(تذكرة الخواص: 251).
3ـ قال السيد نعمة الله الجزائري:
(إن كل خبر وأثر تضمن خروجه على الحسين ، ومنعه له عن الرجوع،
تضمن توبته، وقبول الحسين لها، وأنه رثاه بأبيات من الشعر،
في كتب الأحاديث والسير والتواريخ مسطورة،
وقد ترحم عليه بعد قتله، وهذا متواتر، نقله الخلف عن السلف في كل عصر، بحيث لا يمكن إنكاره).
(الأنوار النعمانية 1/261).
[/center]