منصب الخلة
منصب لا يقبل المزاحمة بغير المحبوب ، أخذ الولد شعبة من شعاب القلب فغار الحبيب على خليله أن يسكن غيره في شعبة من شعاب قلبه فأمره بذبحه ، فلما أسلم للإمتثال خرجت تلك المزاحمة وخلصت المحبة لأهلها فجاءته البشرى وفديناه بذبح عظيم ، ليس المراد أن يعذب ولكن يبتلي ليهذب ليس العجب من أمر الخليل بذبح الولد إنما العجب من مباشرة الذبح بيده . ولولا الإستغراق في حب الآمر لما هان هذا المأمور فلذلك جعلت آثارها مثابة للقلوب تحن إليها أعظم من حنين الطيور إلى أوكارها
شكرك لا يساوي قدر قوتك . لا كانت دابة لا تعمل بعلفها . متى رأيت العقل يؤثر الفاني على الباقي فأعلم أنه قد مسخ . ومتى رأيت القلب قد ترحل عنه حب الله والإستعداد للقائه وحل فيه حب المخلوق والرضى بالحياة الدنيا والطمأنينة بها فأعلم أنه قد خسف به . ومتى اقحطت العين من البكاء من خشية الله ـ تعالى ـ فأعلم أن قحطها من قسوة القلب . وأبعد القلوب من الله القلب القاسي . ومتى رأيت نفسك تهرب من الأنس به الى الأنس بالخلق ومن الخلوة مع الله إلى الخلوة مع الأغيار فاعلم أنك لا تصلح له . ومتى رأيته بستزيد غيرك وأنت لاتطلب ويستدني سواك وأنت لا تقرب فإن تحركت لك قدم في الزيارة تخلف قلبك في المنزل فأعلم أنه الحجاب والعذاب
الله سبحانه مهد الأرض لآدم وذريته قبل خلقه فقال ( إني جاعل في الأرض خليفة ) وقضى أن يعرفه قدر المخالفة وأقام عذره بقوله ( فأزلهما الشيطان ) وتدراكه برحمة بقوله ( ثم اجتباه ربه ) . يا آدم لا تجزع من كأس خطا كان سبب كيسك فقد استخرج منك داء العجب وألبسك رداء العبودية لو لم تذنبوا . لا تحزن بقولي لك اهبطوا منها فلك خلقتها ولكن اخرج الى مزرعة المجاهدة واجتهد في البذر واسق شجرة الندم بساقية الدمع فإذا عاد العود أخضر فعد لما كان .
مزاج الإيمان منحرف عن الصحة ونبض الهوى شديد الخفقان . تمكنت أخلاط الشهوات في أعضاء الكسل فثبطت عن الحركة فتولدت الأمراض المختلفة ، هذا ما يسهل عليك شرب مسهل فإن تداركت المرض وإلا قتل . لو احتميت ساعة لم تحتج إلى معالجة الدواء مدة . من ركب ظهر التفريط والتواني نزل به دار العسرة والندامة . من أدلج في غياهب الليل على نجائب الصبر صبح منزل السرور . من نام على فراش الكسل أصبح ملقى بوادي الأسف . الجد كله حركة والكسل كله سكون .