يامن هو من أرباب الخبرة هل عرفت قيمة نفسك ، إنما خلقت الأكوان كلها لك ، يامن غذي بلبان البر وقلب بأيدي الألطاف كل الأشياء شجرة وأنت الثمرة ، وصورة وأنت المعنى ، وصدف وأنت الدر ، ومخيض وأنت الزبد منشور ، أختيارنا لك واضح الخط ولكن استخراجك ضعيف ، متى رمت طلبي فأطلبني عندك ، ويحك لو عرفت قدر نفسك ما أهنتها بالمعاصي ، إنما أبعدنا أبليس لأنه لم يسجد لك وأنت في صلب أبيك ، فوا عجبا كيف صالحته وتركتنا ( وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا أبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو بئس للظالمين بدلا ) لو كان في قلبك محبة لبان أثرها على جسدك . عجب ربنا من رجل ثار عن وطائه ولحافه إلى صلاته . تأمل معنى ثار ولم يقل قام لأن القيام قد يقع بفتور ، وأما الثوران فلا يكون إلا باسراع حذرا من فائت ماء . أنتفع آدم في بلية وعصى بكمال وعلم ولا رد عنه عز أسجدوا وإنما خلصه ذل ( ربناظلمنا أنفسنا ) لما عشقت للبلاء به الشجر تعلقت طلبا للعناق فقيل لها مع الكثافة لا يمكن فرضيت بالنحول والتفت .
تـلـق قلبي قـد أرسـلـتـه عـجـلا إلـى لـقـاءك والأشواق تـقـدمـه ولا تكلني على بعد الديار إلى صبري الضعيف فصبري أنت تعلمه وقال الشاعر
اذا لم يكن بيني وبينك مرسل فريح الصبا مني إليك رسول
ملئوا مراكب القلوب متاعا لا ينفق إلا على الملك فلما هبت رياح السحر أقلعت تلك المراكب . قطعوا بادية الهوى بأقدام الجد فما كان إلا القليل حتى قدموا من السفر فأعتنقتهم الراحة في طريق التلقي فدخلوا بلد الوصل وقد حازوا ربح الأبد . فرغ القوم قلوبهم من الشواغل فضربت فيها سرادقات المحبة فأقاموا العيون تحرس تارة وترسق الأرض أخرى . سرادق المحبة لا تضرب إلا في قاع فارغ نزه . فرغ لي بيتا أسكنه .أعرف مقدار ماضاع منك وأبك بكاء من يدري مقدار الفائت. لو تخيلت قرب الأحباب لأقمت المآتم على بعدك . لو أستنشقت ريح الأسحار لأفاق قلبك المخمور . من استطال الطريق ضعف مشيه . أما علمت أن الصادق اذا هم القى بين عينيه عزمه . اذا نزل آب في القلب سكن آذار في العين . من قبل فم اللذة لا ينكر عض أسنان الندامة . هان سهر الحراس لما علموا أن أصواتهم بمسمع الملك . من لآح له كمال الآخرة هان عليه فراق الدنيا . إذا لاح للباشق الصيد نسى مألوف الكف . يا اقدام الصبر احملي بقى القليل . تذكر حلاوة الوصال يهن عليك مر المجاهدة . قد علمت أين المنزل فأحد لها نسر .